الزمالك والاخوان
بقلم: يسرى فودة
شىء من هذا القبيل يحدث الآن لجماعة الإخوان المسلمين كإحدى النتائج المباشرة لثورة الخامس والعشرين من يناير فور سقوط النظام. فمع كامل احترامنا لكل من الأهلى والزمالك فى مجاليهما، وللإخوان المسلمين فى مجالها، فإننا يمكننا بسهولة أن نستبدل بكلمة «الزمالك» فى الفقرة السابقة كلمة «الجماعة»، وأن نستبدل بكلمة «الأهلى» كلمة «النظام».
ولا عيب فى ذلك إطلاقاً، إذ إن عقوداً طويلة من العمل من موقع «المعارضة» عوّدت الزمالك، مثلما عوّدت الإخوان، على تطوير حواس الخطر وأساليب المقاومة أكثر من تطوير حواس الثقة وأساليب القيادة. العيب ألا يدرك الطرفان، كل فى مجاله، أن جميع الأطراف فى مصر الآن فى حالة من التعلم الإجبارى فرضتها عليها ظروف درامية مفاجئة.
إلى هنا تنتهى المقاربة بين فريق كرة القدم وفريق كرة السياسة. فقد فرضت الثورة على الجماعة واقعاً جديداً، مثلما فرضته علينا جميعاً، وإذا كان للزمالك نصيب من الخبرة بالمركز الأول فى فترات متباعدة فلم يكن للإخوان أى خبرة به إطلاقاً على مدى أكثر من ثمانين عاماً هى عمر الجماعة، ومن ثم فإن التحدى أضخم وأخطر وتبعاته - بحكم الفارق فى المقاربة - أعمق تأثيراً ليس فى الجماعة وحسب، بل فى مستقبل الوطن كله.
سنستريح جميعاً حين نذكّر أنفسنا من وقت لآخر فى هذه الفترة الاستثنائية من عمر الوطن بأننا جميعاً، على اختلاف خلفياتنا ورؤانا وأحلامنا، نمر بحالة من التعلم غير مسبوقة فى حياة الوطن تملؤنا أملاً ونشوة فى لحظة، وفى لحظة أخرى جزعاً وتوتراً. دعونا نستمتع باللحظتين دون إفراط فإذا كانت القلوب تطمئن فى لحظة الأمل والنشوة فإن العقول تتعلم أكثر من لحظة الجزع والتوتر. وفى نهاية المطاف مصر تستفيد حين نتمكن من أن نقتنص من اللحظتين أفضل ما فيهما.
ورغم ذلك، فإننى أفشل فى أن أرى كيف يمكن لقيادة الإخوان المسلمين أن تستفيد حين تعلن مقاطعتها لجريدة مثل هذه الجريدة، أو لأى وسيلة إعلام على الإطلاق، فمهما كانت الحجة لا يمكن لقرار كهذا أن يكون صحيحاً، ولا يمكن لقرار كهذا إلا أن يعيد إلى الذاكرة الطريقة التى تعامل بها نظام مبارك مع قناة الجزيرة وغيرها من أصوات تجاهد كى تكون حرة. ولأننا جميعاً نعلم ماذا كانت نتيجة ذلك فى النهاية فإننا نربأ بجماعة من الوطن مؤثرة كجماعة الإخوان المسلمين أن تنحرف إلى هذا المنزلق.
استقيموا يرحمكم الله
ليست هناك تعليقات: